في عام 2024، سجل شباك التذاكر المصري أكثر من 1.55 مليار جنيه في الإيرادات، حصيلة عرض أكثر من 300 فيلم مصري وأجنبي، كان من بينهم 46 فيلماً مصرياً جمعوا 1.25 مليار جنيه، ربع هذا الرقم ذهب لفيلم واحد هو «ولاد رزق 3: القاضية».
بترجمة أرقام الإيرادات إلى الدولار، يتوقف إنجاز شباك التذاكر المصري عند 35 مليون دولار فقط، تقريباً نفس رقم العام السابق 2023 الذي استقبل عدد أفلام أقل وكان أقرب لتأثيرات انكماش كورونا. المقارنة الأهم هي مع عام 2019 السابق لكورونا، الذي بلغ فيه الإجمالي 60 مليون دولار.
* تطور شباك التذاكر المصري السنوي
الدولار الآن هو المدخل الأساسي للصناعة في المعدات والتجهيزات وأجور النجوم، ويمتد تأثيره لمعظم التكاليف الأخرى التي تُدفع بالجنيه. لكن تأثيره على الإيرادات يكون أكثر تركيباً لاعتماده على التضخم المحلي الذي يتفاعل مع عوامل أخرى مثل أسعار الطاقة (المدعومة جزئياً) والأجور والإيجارات، ثم يمرر كل هذا إلى أسعار التذاكر ويؤثر على حجم مبيعاتها.
في عام 2019، حقق شباك التذاكر المصري حوالي مليار جنيه، ما يوازي 2.1 مليار بالأسعار الحالية. بمعنى أن إيرادات 2024 ينقصها 550 مليون جنيه لكي تصبح بنفس مستوى 2019 [1].
* إيرادات أعلى 10 أفلام في شباك التذاكر المصري 2024
بنظرة عامة، يمكن ملاحظة توزع الأفلام الأكثر دخلاً على كل مواسم العام: العيدين والصيف وبداية العام ونهايته، وحتى شهر نوفمبر، الذي صعدت أهميته لأول مرة مع مفاجأة «الهوى سلطان»، وهو فيلم رومانسي متوسط التكلفة، يظهر رغبة الجمهور في مزيد من التنوع بالأفلام.
أيضاً سجل «الحريفة» مفاجأتي العام، أولاً لكونها المرة الأولى التي يتحول فيلم إلى سلسلة ويصدر فيلمها الثاني في نفس العام. الفيلم الأول حقق مفاجأة خلال عطلة منتصف العام الدراسي، بطاقم ممثلين شباب في بطولة جماعية وبميزانية متوسطة. مؤلفه إياد صالح ومنتجه طارق الجنايني ركلا الكرة وهي ساخنة وقدما جزءاً تالياً صدر في ديسمبر، ومعاً جمع الفيلمان أكثر من 170 مليون جنيه في عودة لنجاح أفلام كرة القدم.
وكمثال آخر على تنوع القصص السينمائية، سجل فيلم «رحلة 404» إيرادات غير متوقعة (27 مليون جنيه) خلال عطلة منتصف العام، بعد أكثر من عام من دفن الرقابة له لعام كامل.
وكما هو معروف، قفز «ولاد رزق 3: القاضية» بعيداً إلى مستوى 260 مليون جنيه في الإيرادات بمصر، ومع إيرادات عالمية تخطت 22 مليون دولار، فقد سجل لنفسه سلسلة ألقاب غير مسبوقة يمكن متابعتها تفصيلاً بهذا التقرير.
السعودية هي الآن السوق الرئيسية للأفلام المصرية: فخلال العام تلقت دور العرض السعودية 33 فيلماً مصرياً، تخطى مجموع إيراداتها 53 مليون دولار، وهو أكثر من ضعف إجمالي إيرادات 46 فيلماً مصرياً في سوقها المحلية (23.5 مليون دولار)، ما يقارب ربع كامل إيرادات شباك التذاكر السعودي الذي بلغ 225 مليون دولار خلال 2024.
واحتلت الأفلام المصرية 7 مراكز ضمن قائمة أعلى 20 فيلماً بالمملكة خلال العام، ووصل «ولاد رزق 3» للمركز الثاني بالقائمة التي تضمنت أيضاً 11 فيلماً أمريكياً وفيلمين سعوديين فقط.
خلال عام 2024، انخفضت أسعار تذاكر السينما في المملكة بنسبة 8% لتتراوح ما بين 50 و55 ريالاً سعودياً، بينما ارتفع عدد التذاكر المباعة بنسبة طفيفة (3%) ليصل إلى 17.5 مليون تذكرة. ولأول مرة منذ انطلاق السينما في المملكة، ينخفض إجمالي الإيرادات عن العام السابق، متأثراً بتخفيض أسعار التذاكر.
استفادت الأفلام المصرية والسعودية من تخفيض أسعار التذاكر لأن معظمها يعتمد على تقنيات عرض عادية، وحصدت الأفلام العربية ثلث مبيعات التذاكر في السعودية، وتمددت هذه الحصة على حساب الأفلام الأخرى، أمريكية وهندية بالأساس.
* أعلى 10 أفلام مصرية في شباك التذاكر السعودي 2024
بطبيعة الأمور، لن يحصل المنتجون المصريون على هذا الكنز بالكامل، ولا حتى نسبة مقاربة لحصتهم من دور العرض بمصر، حيث يحصّل الموزعون في مصر 40% بعد خصم الضرائب وحصة دور العرض، ويُقسم المبلغ مع المنتجين حسب اتفاقات مسبقة لكل فيلم. بعض الأفلام يشتري الموزعون في السعودية حقوق عرضها نظير مبلغ ثابت، وبهذا لا دخل للمنتج والموزع المصري بما تحققه من إيرادات إلا على سبيل التسويق التالي لدى منصات العرض الرقمية.
الأخبار الجيدة للأفلام المصرية في السوق السعودية ليست فقط في الأرقام، ولكن أيضاً في التنوع. فلأول مرة يحقق فيلم أكشن مصري هذا النجاح في السعودية (سابقاً لم تحقق أفلام «العارف» و«كيرة والجن» نجاحاً يُذكر هناك)، مع ملاحظة أن «ولاد رزق» تلقى معاملة تفضيلية كفيلم سعودي، وربما نال «رحلة 404» نفس الميزة بكونه إنتاجاً مشتركاً بين شركتي فيلم كلينك المصرية وأرابيا بيكتشرز السعودية. يشير هذا إلى أهمية الإنتاج المشترك مع المملكة، ليس فقط لتحمل أعباء التمويل، ولكن أيضاً لكونه بوابة لدفع الأفلام المصرية في السوق السعودية.
ثمانية من أفلام هذه القائمة سجلت نجاحاً مشابهاً في مصر، ما يعني أن معايير النجاح أصبحت متوازنة بين البلدين. في السابق، لاقت الأفلام الكوميدية الصغيرة (ضئيلة الإنتاج والقيمة الفنية) رواجاً غير متوقع في المملكة عكس أدائها المحلي، وأحياناً تُعرض في السعودية قبل مصر أو تتجنب العرض المحلي كلياً، ما كان يعني دعماً لصناعة المزيد منها. في عام 2024، لم تعد هذه النوعية مضمونة النجاح في السعودية.
تأثير الأفلام الكوميدية الصغيرة يبدو أقل هذا العام. رأس حربة هذا النوع هو «جوازة توكسيك»، كإعادة استغلال لمنجم ذهب تم اكتشافه في «ماما حامل» (حصد 5.9 ملايين دولار في 2021) ثم «شوجر دادي» (7.8 ملايين دولار في 2023)، وهي أفلام كوميديا عائلية عاملها المشترك هو بطولة ليلى علوي وبيومي فؤاد. بخلاف هذا، لم تحقق الأفلام البيومية الأخرى نجاحاً هذا العام، وتوزعت الأفلام الكوميدية الناجحة على عدد من النجوم بنفس منطقها في مصر.
نجاح «الهوى سلطان» يشير إلى وجود مساحة للمزيد من الأفلام الرومانسية في مصر كما في السعودية (ملاحظة جانبية: حقق فيلم It Ends with us نجاحاً واضحاً في البلدين، ما يعني زيادة الطلب على الرومانسية). في المقابل، لم يحقق فيلما «الحريفة» نجاحاً في السعودية، ما يعني أن التحدي الأكبر للأفلام المصرية هو فئة الشباب السعودي.
حسب الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، باعت دور العرض المصرية 14.7 مليون تذكرة سينما في عام 2019، وهو أفضل رقم منذ عام 2008 عندما وصلت المبيعات إلى 18.7 مليون تذكرة (الرقم القياسي في 2005 بـ29 مليون تذكرة). لم يصدر الإحصاء الرسمي بعد لعام 2024، ولكن يمكن توقعه من خلال متوسط أسعار تذاكر السينما خلال العام، وهو 129.2 جنيه تقريباً ([2] طريقة الإحصاء بنهاية التقرير). هكذا تكون مبيعات التذاكر 12 مليون تذكرة، ما يتماشى مع المنحنى الصاعد لآخر رقم متاح من 2021، وهو 8.5 ملايين تذكرة.
ورغم أن متوسط سعر التذكرة يبدو مرتفعاً، إلا أن دور العرض مجبرة على الإبطاء في رفع أسعارها للحفاظ على المبيعات. إذا ما تصورنا إجمالي إيرادات 2019 بمتوسط سعر التذاكر في 2024، سيكون الرقم الافتراضي 1.9 مليار جنيه، وهو أقل 200 مليون جنيه عن المستوى المطلوب لمعادلة التضخم. هذا الرقم لا تتحمله دور العرض وحدها، وتم تحميل معظمه على أجور العاملين التي تنمو بمعدل أقل كثيراً من ارتفاع أسعار التذاكر.
يمكن توقع أن أسعار التذاكر سترتفع بنسبة 10% في المتوسط بأول فرصة في عيد الفطر 2025، وهذا بافتراض ثبات سعر صرف الدولار وعدم وجود تضخم، وهو ما لن يحدث بالطبع، لهذا ستكون هناك زيادة أخرى في عيد الأضحى. كل عام وأنتم بخير.